قد يكون الحديث في قضية المرأة ممجوجاً ومبالغاً في تكراره، ويكاد المرء لا يكلف نفسه عناء قراءة كتاب في هذا الموضوع ، فالكتب معظمها درجت على وصف المظالم التي تعرضت لها المرأة ، وكيف أنصفها الإسلام ، ولكن كتاب عابدة العظم "سنة التفاضل وما فضل الله به النساء على الرجال" يحمل طرافة في عنوانه تدعو إلى قراءته ، صحيح لماذا تقبلنا مسألة تفضيل الرجل على المرأة بلا نقاش، وشغلنا في تفسيرها وتبريرها ونقدها دون أن نسأل ولو على سبيل التمرين الذهني بماذا فضل الله المرأة على الرجل.
لم تأت عابدة العظم باكتشافات جديدة ، ولكنها سبقت بالسؤال وشغلت بالإجابة عليه ، فكانت إضافتها هي في إعادة ترتيب الأفكار والمعطيات ووضعها في سياقها الصحيح .
وبدأت الأستاذة العظم فكرتها من فهمها للآية الكريمة (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن)فللأنثى نصيب عام من نعيم الدنيا في الرزق والمواهب والقدرات وفي كل شئ ، ولها تعويض مجز عما خص الله به الرجل ، فإنه وإن جعل ميراث الأخ ضعف ميراث أخته فقد خص الزوجة بالمهر وميزها بالنفقة.
وتفردت الأنثى بنصيب خاص من متاع الدنيا وزينتها دون الرجل ، كتحليل الذهب والحرير لها مع الاحتفاظ بحقها في التمتع به في الآخرة . والتفاضل سنة إلهية في الخلق ، فما من مخلوق إلا وله مزايا يفضل بها المخلوقات الأخرى.
وثمة حالات كثيرة في الميراث تأخذ المرأة فيها مثل الرجل أو أكثر، فمن الحالات التي يتساوى فيها الذكر مع الأنثى الأم والأب إذا كان للمتوفى أبناء ذكور، ويتساوى الأخوة لأم ذكوراً وإناثا في الميراث. والأنثى تأخذ أكثر عندما تكون من أهل الفرائض فتعطى فرضها وما بقي يكون للأولى من العصبات، مثلا: رجل مات عن بنت وخمسة إخوة: تأخذ نصف المال وحدها ويتشارك الإخوة الخمسة بالنصف . وفي بعض الحالات ترث المرأة ولا يرث الذكر ، وتكون الإناث في بعض الحال عصبة فيحجبن الذكور فلا يرثون شيئاً ولو كانوا ذوي قربى.
وفي بعض المسائل لا تقبل إلا شهادة امرأة كأمور الرضاعة والحضانة والنسب ، أو الأمور الجنائية التي تحدث في مجتمعات وأماكن يفترض ألا يغشاها غير النساء ، مثل حمامات النساء. وفي المغني لابن قدامة " يثبت خيار الفسخ لكل واحد من الزوجين لعيب يجده في صاحبه . . وإن اختلفا في عيوب النساء ، أريت النساء الثقات يقبل فيه قول امرأة واحدة ، فإن شهدت بما قا