كـــكلي حـــــــــــــــــــــــــــــــــر
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
مدير المنتداء
عبدالباسط الككلي
تحياتي
كـــكلي حـــــــــــــــــــــــــــــــــر
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
مدير المنتداء
عبدالباسط الككلي
تحياتي
كـــكلي حـــــــــــــــــــــــــــــــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كـــكلي حـــــــــــــــــــــــــــــــــر


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الهجرة الى البحر...... قصة قصيرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر
Anonymous



الهجرة الى البحر...... قصة قصيرة  Empty
مُساهمةموضوع: الهجرة الى البحر...... قصة قصيرة    الهجرة الى البحر...... قصة قصيرة  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 03, 2010 11:29 am

الهجرة إلى البحر

وصلَ الليلُ سريعاً !! وأنا أتدحرجُ بين خرائب الكلمات الساقطة الحلوة ، بين رفات مواعظ مولانا الوثن الأعظم ، تأخذني أللعنة حيناً ، أقفزُ بين محطّات العتمة ، وأغرقُ أحياناً بين خطابات الوالي .
أمس ، لا أعتقدُ ذلك بالضبط ، ربمّا قبلَ شهر أو سنة ، يبدو لي في اليوم الفائت ، اختلطَ الماضي والحاضر والآتي في زنزانات الوعظ الوثنية ، والظلمة ألغَت كلّ محطّات الوقت .
فلنفترض ما حصلَ أمس ، هذا لا يضّر : تسلقتُ جدارَ الر فض الأملس ، زحفتُ على طحالبه كالخنفساء ، كان الجمعُ غفيراً أثناء الزحف ، متحلقة حولي الأنظار ، يصلبها الموت من الخوف . أرجَعني صوتُ الواعظ نحو غياهب عصر الرعب القاتل .
منـذ البدء والكلمات الساقطة الحلوة تلعبُ فينا ، فأصبحنا بفضل دعارتها علباً فارغة لا تصلحُ إلا للنقر عليها .
في اليوم التالي ، لا أعرف معنى اليوم التالي !! ليس لدينا زمنٌ نؤرخّ فيه العمر ، بوصلة الوقت يملكها الواعظ وحده ، سفيرُ الله يذيع بيانات ، تعلنُ عن زمن الميلاد ووقت مغادرة الدنيا .
كان جنودُ الوالي نياماً ، والوحشة والغربة ، ظلاّن ، يعشقُ بعضهما بعضاً في محراب الوعظ ، في تلكَ الساعة ، صرختُ بأعلى ما أملكه من جهد :
ـــــ هند ... هند ... ما معنى أن يحيا الإنسان بلا مضمون ؟ .
صوتي أثقلُ من صمت القبر ، سمعَتْ هندُ صراخي ، فطارت نحوَ البحر .
كان جنودُ الوالي نياماً ، راودني حلمُ التسلق ، رقصتُ له ، وعلى أطرافي التي يأكـلها التسوس ، وإسناد أظافري التي يرقدُ فيها الدود ، تسلقتُ ، حَبوتُ في بداية الأمر ، كان الحائطُ مرصوفاً بجماجم أطفال الفقراء ومطلياً باللون الأحمر .
في تلك الساعة ، هند ، تحلـّقُ فوق البحر ، وأنا مشغولٌ في البحث عن درب يُبعِدُ عنّي لغة الخزي ، أبحثُ عن لغة تسقيني معنى ، في تلك اللحظة ، جاءَ بشيرُ الخير ؛ زغرودة هند ، وحليب أمي ، وتصفيق الطين الأسمر ، وأنا في جوف الليل وفي عمق سواد اللجّة ، لحمي ينّز دماً من ثقل الكلمات البلهاء ، ورأسي مزبلة لمواعظ كهّان الوثن الأعظم .
زغرودة هند ،ابتسامة أمي ، تصفيق الطين الأسمر يزيد عنادي ، وتسلقتُ ، تسلقتُ ، وصلتُ لنافذة الرفض ، صغيرة جداً هي النافذة ، بحجم الجرذ المولود حديثاً ، أو أصغر ، تشبثتُ بها .
بابُ النافذة العليا حطّمَ قيده ، شُرّعت الأبوابُ أمامَ البحر ، وصلَ الضوءُ سريعاً ، أصابني الدُوار ، لكنّ الريحَ القادم من جهة البحر ، قلعَ القرنَ المزروع برأسي .
مثلما تـُقلـَعُ الأضراس يا هند !!! . كلٌّ في جبهته قرن يزرعه الواعظ بأمر من مولانا الوالي لنصبح من شعب الغلمان ، كلّ صباح يجـلـدنا الواعظ بسوط الكـلمات الساقـطة الحـلوة ، يقـول لنا :
ـــــ الكّل هنا منتسب بالفطرة التي فطر اللهُ الناسَ عليها إلى شعب الغلمان .
الريح أطاحت بالقرن المزروع برأسي ، وأنا أمسكُ نافذتي وأقاوم ، سقطَ القرنُ المتعـفنُ أرضاً ، رأسي أصبحَ مئذنة للخير وللنور ، عيني ما عادت تنظرُ للأسفل .
في الأفق الغاطس بشعاع الضوء الأبيض ، رأيتكِ يا هند ، تمرّينَ من أمامي وأنتِ تمتطين حصانَ الغيمة الهائجة كحورية من حوريات البحر .
لا أملكُ في تلكَ اللحظة غير صراخي ، كان صراخي أسرع من صوت صهيلِ الماء المتدفق من عمق البحر ، تمدّدَ في الأفق الواسع ، كان الصراخُ خرافياً ، استطال وخرج من النافذة :
ـــــ هند .. هند .. هند .
لكنكِ عبرتِ الأفقَ المغسول بالشفق الأرجواني وابتسامة على شفتيكِ لا زالت ملء فمي ، وابتلعكِ البحر ، وبقيتُ ملتصقاً بالنافذة رغمَ السوط الذي بدأ يلتصق بظهري ، ليأكل ما تبقـّى فيه من حياة .


* * *

ــــ لماذا تجلسُ هكذا يا ولدي ؟
ـــــ هذا ما اعتدتُ عليه يا أمي .
ـــــ لا يجوز الجلوس على قارعة الطريق !!
ـــــ الطريق مسرح الناس ، وعلى قارعته أرى الأشياءَ بوضوح .
ـــــ لكنّه حالـة من التجسس على ما يفعلـَه الآخرون ، ربمّا السطو على أسرارهم .
ـــــ لم تكن لنا أسرار مخبّئة في صناديق مغلقة ، الجميع يعرفُ أسرار الجميع .
ـــــ لكنّ البعضَ لا يروق له أن يجد أسراره تحت رقابة أحد .
ـــــ ليس البعض يا أمي ، الكّل يرفضُ الوصايـة على أسراره ، والأسرار مكشوفـة أمام الكّل ، والكّل كتاب مفتوح بين فخذي عشيقة الوالي .
ـــــ رغم هذا ، فانـك تعرضّ نـفسكَ للاسـتجواب ، وربمّا للـموت ، وأنا لا أملـك غيرك يا ولدي .
ـــــ اطمئني يا أمّاه ، فأنا أتقن ارتداء ملابسي الداخلية سرّاً .
ـــــ لعبة اِكتشفها جند الوالي .
ـــــ كيفَ عرفتِ ذلكَ يا أمّاه ؟
ـــــ أمس شنقوا جارنا نوفل .
ـــــ لماذا ؟
ـــــ ضبطوه يرتدي سروالا داخليا قصيرا .
ـــــ وبعد !!
ـــــ علقّــّوا خلف مشنقته لائحة تعليمات الوالي ، وشنقوه .
ـــــ يا للكارثة !!!
ـــــ وقبلها رجموا مريم ، ورموا جثتها للكلاب .
ـــــ مَن هي مريم يا أمّاه ؟
ـــــ الحمامة التي تسكنُ أكواخَ العوز .
ـــــ وماذا فعَلتْ ؟
ـــــ أرادتْ أن تنجو من العقوبة ، فخلعَتْ ملابسها ، فأمسكوا بها متلبسة بالجرم المشهود .
ـــــ كيفَ حصلَ هذا ؟
ـــــ كانت عارية ، وضوء الشمس يداعبُ حلمتها .
ـــــ وهل كنتِ حاضرة حفلَ الرجم هناك ؟
ـــــ كنتُ هناك ، وكانت هندٌ حاضرة ، صرَخَتْ ساعة إعلان المرسوم الوثني !!
ـــــ وكيف نَجَتْ ؟
ـــــ رُسل الوالي بحثوا عنها في كلّ مكان ، لكنّها اِختفـَت ، ولم يعد لها أثر .
ـــــ لقد شاهدتـَها تمتطي صهوة الريح باتجاه البحر .
ـــــ منذ متى يا ولدي ؟
ـــــ لا أعرفُ بالضبط ، ربّما أمس ، أو الشهر الذي اِنصرم ، أو السنة الماضية .
ـــــ كيفَ رأيتها ؟
ـــــ كنجم كبير في عالمي اللامرئي .
ـــــ هل أدمنتَ على فقدان الذاكرة يا ولدي ؟
ـــــ وهل أنتِ متأكدة ، أنـّي أملكُ ذاكرة عندما خرجتُ من رحمكِ ؟
ـــــ الأوغادُ مسخوكَ مخلوقا آخر ، عندما وضعوك في زنزاناتهم .
ـــــ أنا أعاني من زنزانتي الداخلية يا أمّاه !!
بكـَت أمي بحرقة ، سقطت دموعٌ غزيرة منها ، وقبل أن أغرق في طوفان دموعها ، طبَعت على جبيني قبلة واِختـفـَتْ . رأيتها بعد حين تمتطي صهوة الريح باتجاه البحر ، وأنا
أمسكُ نافذتي ، وأقاوم .


* * *

النافذة ما عادت بحجم الجرذ المولود حديثا ، اِتسّعَ الأفق الأزرق فيها ، وتدّلتْ شمسٌ مشرقة وهلّ هلال ، ونسيمُ عَذِبٌ يأتيني من بُعد ، والسوط الأخرس ينهشُ لحمي ، والنافذة العليا اِتسعت أكثر ، وتلويح يأتيني من هند ، ونداء من أمي يدخلُ رأسي ، والحرس الوثني يطلقُ نيرانَ الكلمات الساقطة الحلوة ، وأنا في هذا الوقت محاصر ، سوفَ أموت قريباً ، أخّـرُ صريعا ، شهيدا ، مجرما ، أرحلُ بالرجم أو الشنق ، أو تحت سياط الكلمات الساقطة الحلوة ، لكّني سأقاوم كي أصل البحر .
زغرودة هند ، ونداء الأم ، وتصفيق الطين الأسمر ، جعلوني أتتشبثُ بالصبر ، وأقاومُ بشكل أعنف ، وأُداري الموقفَ أكثر .
عند الفجر التالي ، كان نداءُ الله قوياً ، اهتزّ الرأس المرفوع على رمحي ، جَلجَلت الأصواتُ ، وأجراسُ دوّتْ في الأفق الواسع ، تـُعلنُ عن أزمنة آتية للعشق وأخرى لحرق وصايا الوثن الأعظم . وبدأتُ أفيق ، ما عاد الرأس بلا ذاكرة يا أمّاه ؟ الذاكرة حاضرة في رأسي يا هند !!
صرختُ بصوت كالرعد : أمي ... هند ...أمي .....هند .
النافذة الآن اِتسعت أكثر من ذي قبل ، والأفق الأزرق يملكُ أجنحة ، وهند وصَلت مسرعة ، كان جناح الأفق الأزرق يحملها ، وبأسرع من خَفق القلب ، حَملتني نحو البحر .
كان البحرُ كبيراً جداً ، رحيماً وعطوفاً جداً ، غَسَلَ الجرَبُ المتراكم من فعل الخوف ، والكلمات الساقطة الحلوة ، ما عادَت صالحة للاستعمال ، أشرَقَت الدنيا في قلبي ، وضحكتُ ، ضحكتُ ، الوالي يأمرنا أن لا نضحك ، قال الوالي يوماً :
ـــــ الضحك بلا سبب ، من قلّة الأدب .
وبقينا نبكي ، نبكي ، واجتهدَ القومُ بتفسير الأسباب ، وبقينا لا نعرفُ لون وشكل البسمة ، لم نعرف طعم ولا صوت الضحك ، والدنيا فارغة إلا من البكاء .
سأذهبُ نحو الشمس وأزور القمر الليلي وأسامره ، سأموت من الضحك ، أغرق فيه ، أراسله وأناجيه .
وصلَ التمساحُ الأخضر ، ركبتُ ظهره ، وهند ركبَت ظهرَ التمساح الآخر ، اِبتسمَ التمساحان لنا يا أمّاه ، . كان الوالي يركبُ ظهري كلّ صباح ، تقرّحَت عظامنا من شدّة الركوب ، وحديث الوالي يشربُ ما شاءَ من العمر وينخرُ في العظم ، والبحر هنا ، لا يعرف البكاء ، يحملُ في داخله رفضاً يُرقصُ الحياة ، وفي البحر ، نصطادُ الدفءَ ، الخصبَ ، والدنيا زاهية كأحلام الأطفال ، والليلة موعدنا مع الفرح القادم من أقدام البحر ، ها هي أمي قادمة من صوب الخوف إلى صوب الرفض ، والليلة عرس ، وهـند تبكي فرحاً ، وعلى أجنحة اللامرئي ، وصلت مريم يتبعها نوفل ، اِجتمع الشملُ ، والعرس القادم سيكون مع الفجر .





الهجرة الى البحر...... قصة قصيرة  Herz
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الهجرة الى البحر...... قصة قصيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كـــكلي حـــــــــــــــــــــــــــــــــر :: منتدى الادبي-
انتقل الى: